القائمة الرئيسية

الصفحات

التعليق على بعض كلام فخر الدين الرازى (التحيز و الجهة)

 الجواهر السنية فى الرد على المطالب العلية والتعليق على كلام فخر الدين الرازى


التعليق على بعض كلام فخر الدين الرازى (التحيز و الجهة)

مقدمة:

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الاشاعرة رضوان الله عليهم من أخطر ما يتكلمون فيه ، علم الكلام و من أكابر رؤسائهم والذين يرجع اليهم الكلام والتحقيق اثنين حجة الاسلام ابو حامد الغزالى وفخر الدين الرازى وهذا تعليق موجز ورد على بعض ما اورده الفخر فى واحد من عمد ذلك المذهب الا وهو كتاب المطالب العالية وهذا نص الكلام.

القسم الأوّل في بيان كونه سبحانه وتعالى منزّها عن التّحيّز والجهة الفصل الأول في بيان أن اثبات موجود ليس بجسم ولا حال في الجسم: ليس بممتنع الوجود في بديهة العقل اعلم. أن كثيرا من الناس، يزعمون: أن كل موجودين. فلا بد وأن يكون أحدهما ساريا في الآخر، أو مباينا عنه في جهة من الجهات الست. وزعموا: أن إثبات موجود لا يكون حالا في هذا العالم الجسماني، ولا مباينا عنه بحسب شيء من الجهات: ممتنع الوجود. ثم زعموا: أن العلم بهذا الامتناع: علم بديهي ضروري، غني عن الحجة والدليل. وأما الجمهور الأعظم من العقلاء فإنهم اتفقوا على أن إثبات موجود ليس بمتحيز، ولا حال في المتحيز، وليس في العالم، ولا في خارج العالم: ليس معلوم الامتناع في بديهة العقل، بل الأمر في إثباته ونفيه موقوف على الدليل. فإن دل الدليل على إثباته وجب القضاء به، وإلا وجب التوقف في إثباته ونفيه. وهذا القول هو الذي نذهب إليه ونقول به.

والذي يدل على أن الأمر كذلك وجوه: الحجة الأولى: أن نقول: لو كانت هذه القضية بديهة لامتنع وقوع الاختلاف فيها بين العقلاء، لكن الاختلاف واقع فيها، فوجب أن لا يكون بديهيا. بيان الملازمة: أن الجمع العظيم من العقلاء لا يجوز إطباقهم على إنكار

واما الرد على الكلام فإنه ينحصر فى نقاط.


النقطة الاولى:

أن الله عز وجل يستحيل عليه التحيز والوجود فى أحد الجهات الست (فوق وتحت وشمال ويمين وداخل وخارج العالم) لانه لو وجد فى إحدى هذه الأماكن للازم منه شيئين.

الاول: إمتلاء هذه الجهة منه .

الثانى: فروغ الجهات الخمسه منه.

النقطة الثانية: أن جماهير العقلاء علموا أن الله عز وجل ليس فى مكان ثم قال لو كانت هذه المسألة أى وجود الله عز وجل فى مكان مسألة يقينيه لما أختلف الناس فى هذا.

الرد على هذه النقاط.

النقطة الاولى:

إن الله عز وجل يستحيل الا يكون فى مكان لأن هذا مخالفة لظاهر القران فإن الله قال فيه 
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]

فإن هذه الاية تقتضى أن الله عز وجل فى جهة وأن الناس ينظرون إليه فأن إلى تقتضى إنتهاء الغاية وإنتهاء النظر إلى الله عز وجل فلو كان الله ليس فى جهة وليس فى مكان لكانت هذه الأية عبس وكان معناها أن الخلق ينظرون إلى إله ليس موجودا وهذا لمن تأمله من الفساد وقلة العقل لأن الناظر ينظر إلى شىء موجود. فلا مناص بأن يقول بأحدى القولين الأول أن الله يرى فى جهة يوم القيامة وليس فى جهة فى الدنيا فيكون فرق بين متماثلين وشىئ واحد فى حالتين من غير عقل ولا نقل. الثانى أن الله لا يرى فى الدنيا ولا الأخرة فيكون عطل هذه الأية ويكون الناظرون لا ينظرون إلى شىء بل ينظرون فى كل مكان لأنهم لا يعلمون الجهة.

الرد على النقطة الثانية:

أنظر كيف استدل على دعوه بأن هذا قول الجمهور حتى يسكتك بذلك لكن إذا تأملت كلامه رايت أن هؤلاء الجمهور ليسوا شىء وهؤلاء هم الجمهور الذين عضضوا قوله.

هو أن الفلاسفة اتفقوا على إثبات موجودات ليست بمتحيزة، ولا حالة في المتحيز مثل: العقول والنفوس والهيولى. واتفقوا على أن الشيء الذي يشير إليه كل إنسان بقوله: أنا. فهو موجود، وليس بجسم ولا بجسماني. ولم يقل أحد من العقلاء: إنهم في هذا القول منكرون للبديهات، بل نقول. إن جمعا من أكابر المسلمين اختاروا هذا المذهب مثل معمر بن عباد السلمي من المعتزلة، ومثل أبي سهل [النوبختي ، ومحمد بن النعمان من الرافضة. ومثل أبي القاسم الراغب، وأبي حامد الغزالي من أهل السنة والجماعة.

انظر كيف أستدل على قوله بقول الفلاسفة الذين يقولون بعدم تحيز الإله حتى ينفوا وجوده والمعتزلة الذين ينفون تحيز الله حتى يقولوا بعدم رأيته فى الأخره وأبو حامد الغزالى الذى له كلام فى رؤية الله عز وجل فهو كلام خطير احيلك على كتابه المضنون به عن غير أهله وهو ثابت النسب إليه. فهؤلاء الذين نفوا رؤية الله عز وجل لهم أهواء فى ذلك بل أنظر كيف قدم أقوال الفلاسفة على أقوال الفرق الأسلامية وهذا أمر لا يليق.
الرد على دعواهم فأن هناك موجودات غير متحيزة كالعقول والنفوس والهيولى. دعوة باطالة لا دليل عليها من عقل أو نقل لاننا لم نرى هذه الاشياء ولم نحس بها فليس عدم رؤية الشىء دليلا على عدم تحيزه بل ربما هو متحيز فالعقل السليم يقول بأن الشىء أذا لم يكن مشاهد وكان فيه أحتمالان ولا توجد قرينه لترجيح احدهما على الأخر فالاصل فيه التوقف.


النقطة الاخيرة:

زعمه أن هذه الامسألة ليست يقينية لإختلاف العقول والناس فيها فتقول بأن الناس إختلفوا فى وجود خالق للعالم فمنهم من قال أنه موجود ومنهم من قال أنه ليس موجود والذين قالوا بوجوده أختلوا فى حقيقته وتحديد من هو والذين اتفقوا على إله كالنصارى واليهود إختلفوا هل له ولد ام لا والذين قالوا أن له ولد إختلفوا فى تحديده هل هو عيس أم العزير والمسلمين الذين إتفقوا على إله أختلفوا فى تحديد صفات ذلك الإله فرق ومذاهب كالمعتزلة وغيرهم فلو الزمنا الأشاعرة بقول الرازى فإنهم يقولون بأن رؤية الله عز وجل امر يقينى لا شك فيه فنقول أن هذا الامر فيه خلاف من المعتزلة فلا يكون امر يقينى على قولكم وهذ اخر المقام فى الرد على الامام المحقق شيخ المفسرين فى زمانه فخر الدين الرازى أمطر الله عليه سحائب الرحمه وجل قبره روضة من رياض الجنة ونفعنا بعلومه امين.


خاتمة:
اللهم فغفر الذلل وتجوز عنا الخطأ والخلل ، وصل على نبينا محمد وعلى اله ومن اقتدى و اتبع وجعنا ممن دخل الجنة وقنع.


المؤلف:
صفى الدين الأزهرى






تعليقات

التنقل السريع